الجمعة، 20 يونيو 2008

الســــواحل المحرمــــــــــــــــّـــــــــة

( السواحل المحرّمة )


من المحرق إلى كرباباد ...مروراً بالمالكية ووصولاً للحد ولا يقف الأمر ـ طبعاً ـ عند الدير؛ فالقائمة تطال الكثير من القرى وسواحلها بالبحرين؛ حيث تتميز جميع هذه المناطق بمعانقتها للبحر وعشق أهلها الأزلي له ؛ فارتيادهم للبحر ليس ببدعة واصطيادهم الأسماك ليس ممولاً من الخارج !!!
فأغلب هؤلاء الناس قد تربى وترعرع في كنف البحر، وكلهم تربطهم تلك العلاقة الوطيدة به كما كان عليه أباؤهم وأجدادهم بالسابق فهم قد عشقوا البحر وعشقهم ....أحبوه وأحبهم وهكذا دواليك ...
فتراهم حيناً بين الأرصفة وحينــاً آخر بين الشُعب المرجانية ، وفي وقت سلف كان أجدادهم يغو صون بأعماقه بحثاً عن اللؤلؤ حيث اشتهروا به، وهكذا لم يختلف حال أحفادهم الذين صاروا يصطادون الأسماك ويأكلون منها ما لذ وطاب وقد يبيع بعضهم ما تبقى منها طلباً للرزق...

يتغنون ( بياهو يا مال ) تارة ٍ وحزاوي الدار تارة ٍ أخرى

هكذا كان البحر عند الأجداد والآباء وما زال الأبناء على ذلك العهد وإن نغّصته بعض المنغِّصات وفلّت من عراه ـ أو كادت ـ بعض المتاعب والمصاعب إلا أن العلاقة ما زالت نابضة...

فجأة أصبح البحر الذي يؤويهم لا يمكن الوصول إليه ..
وأصبحت قراهم بلا شطئانٍ ولا مرافئ تعين من تبقى من روّاده وهكذا أصبحوا وأصبح البحر لمتنفذ !!!

عبارات متعددة ويافطات كثيرة معلّقة بالقرب من سواحلنا بعضها مكتوبٌ عليها ( ممنوع الاقتراب أملاك خاصة !!! )
وبعضها ( الرجاء إزالة جميع القوارب من الساحل ....المالك ) وهكذا تتعدد العبارات وكلٌ إلى ذاك الفسادِ يشيرُ!

هكذا أضحت البحرين الحبيبة! هكذا أضحت تلك الجزيرة الساحرة الوحيدة بالعالم التي لا تحيط بها المياه من كل جانب، جرّاء عملية الردم والتعدّي على السواحل!
هكذا أصبحت تلك الجزيرة الفاتنة جرّاء يد التخريب والطمع الذي لا يقف عند حد!
فقد تحوّلت مساحة البحرين من حوالي 622 كم عام 1969 إلى 710.90 بعام 2001م، ويعلم الله كم ستصبح مساحة اليابسة بعد سبع سنوات مقارنة بهذه الإحصائية؟!
هكذا توسعت رقعة اليابسة لا لعوامل طبيعية أو جيولوجية وإنما بسبب عوامل التعرية للمتنفذين هذا الطاعون الذي يفتك بجمال بلادنا ويغتصب سواحلها الجميلة والذي لا يزال مفتوح الشهية على ما تبقى من سواحل بصورة أبشع من ذي قبل .

إننا نعيش أزمة طاحنة ولابد من إيجاد الحلول الجذرية لها وليس المؤقتة، وعلى عقلاء القوم أن يضعوا الحلول المناسبة للمحافظة على ما تبقى من سواحل حفاظاً عليها من تعدي أصحاب المصالح الخاصة وإلا فإنَّ ترك الأمور تتفاقم هكذا ليس بمصلحة أحد !!!
فتكاثر الأزمات يندر بكارثة تلوح بالأفق والضغط حتماً يؤدي للانفجار وإذا ما استمرت سواحلنا محرمة فحينها لا ينفع الندم .

محمد الصفار
4/06/2008

ليست هناك تعليقات: